فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ}.
أي مادام لم يدخل بها ولم يتمتع بها فلا تأخذ المهر كله، إنما يكون لها النصف من المهر. ولنعلم أن هناك فرقًا بين أن يوجد الحكم بقانون العدل، وبين أن ينظر في الحكم ناحية الفضل، وأحكي هذه الواقعة لنتعلم منها: ذهب اثنان إلى رجل ليحكم بينهما فقالا: احكم بيننا بالعدل. قال: أتحبون أن أحكم بينكما بالعدل؟ أم بما هو خير من العدل؟ فقالا: وهل يوجد خير من العدل؟ قال: نعم. الفضل.
إن العدل يعطي كل ذي حق حقه، ولكن الفضل يجعل صاحب الحق يتنازل عن حقه أو عن بعض حقه. إذن فالتشريع حين يضع موازين العدل لا يريد أن يحرم النبع الإيماني من أريحية الفضل؛ فهو يعطيك العدل، ولكنه سبحانه يقول بعد ذلك: {ولا تنسوا الفضل بينكم}؛ فالعدل وحده قد يكون شاقًا وتبقى البغضاء في النفوس، ولكن عملية الفضل تنهي المشاحة والمخاصمة والبغضاء. والمشاحة إنما تأتي عندما أظن أني صاحب الحق، وأنت تظن أنك صاحب الحق، ومن الجائز أن تأتي ظروف تزين لي فهمي، وتأتي لك ظروف تزين لك فهمك، فحين نتمسك بقضية العدل لن نصل إلى مبلغ التراضي في النفوس البشرية. ولكن إذا جئنا للفضل تراضينا وانتهينا.
والحق سبحانه وتعالى يقول: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} أي من قبل أن تدخلوا بهن {وقد فرضتم لهن فريضة} يعني سميتم المهر {فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون} والمقصود ب {يعفون} هو الزوجة المطلقة. إن بعض الجهلة يقولون والعياذ بالله: إن القرآن فيه لحن. وظنوا أن الصحيح في اللغة أن يأتي القول: إلا أن يعفوًا بدلا من {إلا أن يعفون}. وهذا اللون من الجهل لا يفرق بين واو الفعل وواو الجمع إنها هنا واو الفعل فقول الحق: {إلا أن يعفون} مأخوذ من الفعل عفا ويعفو.
وهكذا نفهم أن للزوجة أن تعفو عن نصف مهرها وتتنازل عنه لزوجها. ويتابع الحق: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} والمقصود به الزوج وليس الولي، لأن سياق الآية يفهم منه أن المقصود به هو الزوج، مع أن بعض المفسرين قالوا: إنه ولي الزوجة. ولنا أن نعرف أن الولي ليس له أن يعفو في مسألة مهر المرأة؛ لأن المهر من حق الزوجة، فهو أصل مال، وأصل رزق في حياتها الناس؛ لأنه نظير التمتع بالبضع. ولذلك تجد بعض الناس لا يصنعون شيئًا بصداق المرأة، ويدخرونه لها بحيث إذا مرض واحد اشترت له من هذا الصداق ولو قرص اسبرين مثلا؛ لأنه علاج من رزق حلال، فقد يجعل الله فيه الشفاء. فالمرأة تحتفظ بصداقها الحلال لمثل هذه المناسبات لتصنع به شيئا يجعل الله فيه خيرًا، لأنه من رزق حلال لا غش فيه ولا تدليس. وأراد المفسرين الذين نادوا بأن ولي الزوجة هو الذي يعفو وأقول: لماذا يأتي الله بحكم تتنازل فيه المرأة عن حقها وأن تعفو عن النصف، والرجل لا يكون أريحيًا ليعفو عن النصف؟ لماذا تجعل السماء الغرم كله على المرأة؟ هل من المنطقي أن تعفو النساء أو يعفو الذي بيده عقد النكاح يعني أولياء الزوجة، فنجعل العفو يأتي من الزوجة ومن أوليائها؛ أي من جهة واحدة؟
إن علينا أن نحسن الفهم لسياق الفضل الذي قال الله فيه: {ولا تنسوا الفضل بينكم}، إن التقابل في العفو يكون بين الاثنين، بين الرجل والمرأة، ونفهم منه المقصود بقوله تعالى: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} أنه هو الزوج، فكما أن للمرأة أن تعفو عن النصف المستحق لها فللزوج أن يعفو أيضا عن النصف المستحق له. ويقول الحق: {وأن تعفوا أقرب للتقوى}؛ لأن من الجائز جدا أن يظن أحد الطرفين أنه مظلوم، وإن أخذ النصف الذي يستحقه. لكن إذا لم يأخذ شيئا فذلك أقرب للتقوى وأسلم للنفوس. ولنا أن نتذكر دائما في مثل هذه المواقف قول الحق: {ولا تنسوا الفضل بينكم} فحتى في مقام الخلاف الذي يؤدي إلى أن يفترق رجل عن امرأة لم يدخل بها يقول الله: {ولا تنسوا الفضل بينكم} أي لا تجعلوها خصومة وثأرًا وأحقادًا، واعلموا أن الحق سبحانه يجعل من بعض الأشياء أسبابا مقدورة لمقدور لم نعلمه. وهذه المسألة تجعل الإنسان لا يعتقد أن أسبابه هي الفاعل وحدها.
ومثال ذلك: قد نجا رجلا قد أعجب بواحدة رآها فتزوجها، أو واحدة أخرى رآها شاب ولم تعجبه، ثم جاء لها واحد آخر فأعجب بها، معنى ذلك أن الله عز وجل كتب لها القبول ساعة رأت الشاب أهلًا لها ورآها هي أهلًا له. ولذلك كان الفلاحون قديما يقولون: لا تحزن عندما يأتي واحد ليخطب ابنتك ولا تعجبه؛ لأنه مكتوب على جبهة كل فتاة: أيها الرجال عفوا- بكسر العين وتشديد الفاء- عن نساء الرجال؛ فهي ليست له، ولذلك فليس هذا الرجل من نصيبها. وعلينا ألا نهمل أسباب القدر في هذه الأمور؛ لأن هذا أدعى أن نحفظ النفس البشرية من الأحقاد والضغائن.
ويختم الحق الآية بقوله: {إن الله بما تعملون بصير} إنه سبحانه يعلم ما في الصدور وما وراء كل سلوك. وبعد ذلك تأتي آية لتثبت قضية إيمانية، هذه القضية الإيمانية هي أن تكاليف الإسلام كلها تكاليف مجتمعة، فلا تستطيع أن تفصل تكليفا عن تكليف، فلا تقل: هذا فرض تعبدي وهذا مبدأ مصلحي وهذا أمر جنائي، لا. إن كل قضية مأمور بها من الحق هي قضية إيمانية تكون مع غيرها منهجا متكاملا.
فبعد أن تكلم الحق سبحانه وتعالى عن الطلاق يقول: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (239)}. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} قال: المس النكاح، والفريضة الصداق {ومتعوهن} قال: هو على الرجل يتزوّج المرأة ولم يسم لها صداقًا، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ويسره، فإن موسرًا أمتعها بخادم أو نحو ذلك، وإن كان معسرًا أمتعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: متعة الطلاق أعلاه الخادم، ودون ذلك الورق، ودون ذلك الكسوة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر. أنه أمر موسعًا بمتعة فقال: تعطي كذا وتكسو كذا، فحسب فوجد ثلاثين درهمًا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال: أدنى ما يكون من المتعة ثلاثون درهمًا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يفرض لها وقيل أن يدخل بها فليس لها إلا المتعة.
{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)}.
أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش. أنه قرأ: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} وفي قراءة عبد الله: {من قبل أن تجامعوهن}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} الآية. قال: هو الرجل يتزوّج المرأة وقد سمى لها صداقًا ثم يطلقها من قبل أن يمسها- والمس الجماع- فلها نصف صداقها، وليس لها أكثر من ذلك إلا أن يعفون وهي المرأة الثيب، والبكر يزوّجها غير أبيها، فجعل الله العفو لهن إن شئن عفون بتركهن، وإن شئن أخذن نصف الصداق {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} وهو أبو الجارية البكر، جعل الله العفو إليه ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن سعيد بن المسيب. أنه قال في التي طلقت قبل الدخول وقد فرض لها: كان لها المتاع في الآية التي في الأحزاب، فلما نزلت الآية التي في البقرة جعل لها النصف من صداقها ولا متاع لها، فنسخت آية الأحزاب.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. أن أبا بكر الهذلي سأله عن رجل طلق امرأته من قبل أن يدخل بها: أَلهَا متعة؟ قال: نعم. فقال له أبو بكر: أما نسخها {فنصف ما فرضتم}؟ قال الحسن: ما نسخها شيء.
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوّج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق؛ لأن الله تعالى يقول: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم}.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} قال: إلا أن تدع المرأة نصف المهر الذي لها، أو يعطيها زوجها النصف الباقي فيقول: كانت في ملكي وحبستها عن الأزواج. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول:
حزمًا وبرًا للإِله وشيمة ** تعفو عن خلق المسيء المفسد

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند حسن عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الذي بيده عقدة النكاح: الزوج».
وأخرج وكيع وسفيان والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال: {الذي بيده عقدة النكاح} الزوج.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طرق عن ابن عباس قال: {الذي بيده عقدة النكاح} الزوج.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: {الذي بيده عقدة النكاح} أبوها، أو أخوها، أو من لا تنكح إلا بإذنه.
وأخرج الشافعي عن عائشة أنها كانت تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد، فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها: زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وشريح وابن المسيب والشعبي ونافع ومحمد بن كعب {الذي بيده عقدة النكاح} الزوج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بشر قال: قال طاوس ومجاهد {الذي بيده عقدة النكاح} هو الولي. وقال سعيد بن جبير: هو الزوج، فكلماه في ذلك فما برحا حتى تابعا سعيدًا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء والحسن وعلقمة والزهري {الذي بيده عقدة النكاح} هو الولي.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: رضي الله بالعفو وأمر به، فإن عفت فكما عفت، وإن ضنت فعفا وليها الذي بيده عقدة النكاح جاز وإن أبت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إلا أن يعفون} يعني النساء {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} هو الولي.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال: عفو الزوج إتمام الصداق، وعفوها أن تضع شطرها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} قال: أقربهما إلى التقوى الذي يعفو.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {وأن تعفوا أقرب للتقوى} يعني بذلك الزوج والمرأة جميعًا، أمرهما أن يستبقا في العفو وفيه الفضل.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {وأن تعفوا} قال: يعني الأزواج.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {ولا تنسوا الفضل بينكم} قال: في هذا وفي غيره.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك {ولا تنسوا الفضل بينكم} قال: المعروف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال: يحثهم على الفضل والمعروف ويرغبهم فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل {ولا تنسوا الفضل بينكم} قال: هو الرجل يتزوّج فتعينه، أو يكاتب فتعينه وأشباه هذا من العطية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله: {ولا تنسوا الفضل بينكم} قال: إذا أتى أحدكم السائل وليس عنده شيء فليدع له.
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب قال: يوشك أن يأتي على الناس زمان عضوض، يعض الموسر فيه على ما فيه يديه وينسى الفضل، وقد نهى الله عن ذلك قال الله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}. وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن علي مرفوعًا.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، أنه تزوّج امرأة لم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها بالصداق تامًا، فقيل له في ذلك. فقال: أنا أولى بالفضل.
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن نافع. أن بنت عبد الله بن عمرو وأمها بنت زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر، فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقًا، فابتغت أمها صداقها فقال ابن عمر: ليس لها صداق، ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها، فأبت أن تقبل ذلك فجعل بينهم زيد بن ثابت، فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن علقمة. أن قومًا أتوا ابن مسعود فقالوا: إن رجلًا منا تزوّج امرأة ولم يفرض لها صداقًا ولم يجمعها إليه حتى مات، فقال: ما سئلت عن شيء منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من هذه، فأتوا غيري فاختلفوا إليه فيها شهرًا، ثم قالوا في آخر ذلك: من نسأل إذا لم نسألك وأنت آخر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في هذا البلد، ولا نجد غيرك؟ فقال: سأقول فيها بجهد رأيي، فإن كان صوابًا فمن الله وحده لا شريك له، وإن كان خطأ فمني والله ورسوله منه بريء: أرى أن أجعل لها صداقًا كصداق نسائها لا وكس ولا شطط، ولها ميراث وعليها العدة أربعة أشهر وعشر. قال: وذلك بسمع ناس من أشجع فقاموا، منهم معقل بن سنان فقالوا: نشهد إنك قضيت بمثل الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها بروع بنت واشق. قال: فما رؤي عبد الله فرح بشيء ما فرح يومئذ إلا بإسلامه، ثم قال: اللهم إن كان صوابًا فمنك وحدك لا شريك لك.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن علي بن أبي طالب. أنه قال في المتوفى عنها ولم يفرض لها صداق: لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها، وقال: لا نقبل قول الأعرابي من أشجع على كتاب الله.
وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس. أنه سئل عن المرأة يموت زوجها وقد فرض لها صداقًا، قال: لها الصداق والميراث.
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن المسيب. أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوّجها الرجل: أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن الأحنف بن قيس. أن عمر وعليًا رضي الله عنهما قالا: إذا أرخى سترًا وأغلق بابًا فلها الصداق كاملًا، وعليها العدة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن زرارة بن أوفى قال: قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أنه من أغلق بابًا أو أرخى سترًا فقد وجب الصداق والعدة.
وأخرج مالك والبيهقي عن زيد بن ثابت قال: إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق.
وأخرج البيهقي عن محمد بن ثوبان. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق». اهـ.